تقوم وكالة الوزارة للتطوير التربوي ممثلة في الإدارة العامة للمناهج بتطوير مناهج المواد الدراسية في مختلف مراحل التعليم العام ، من خلال المشروع الشامل لتطوير المناهج الدراسية ، وذلك في ضوء الأهداف التي رسمتها سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية وحددت الغاية منها في : فهم الإسلام فهًا صحيحًا متكاملاً ، وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها ، وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية ،والمثل العليا ، وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة، وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة، وتطوير المجتمع اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيا ، وتهيئة الفرد ليكون عضواً نافعًا في بناء مجتمعه .
والمملكة العربية السعودية تحت ظلّ قيادتها الرشيدة أدركت أنّ التربية والتعليم لا يُستغنى عنهما لتحقيق التطور والنماء الحضاري في الدنيا والفوز في الآخرة ، لذلك فقد سبقت كثيراً من دول العالم في وضعها وثيقة عامة لسياسة التعليم حُدِّدت فيها الأطر، والمنطلقات، والتوجهات ، والأهداف العامة للتربية والتعليم التي تحقق في جملتها غاية التعليم. تلك الأهداف التي يمكن تصنيفها إلى أهداف إسلامية، ومعرفية، ومهارية، وأخرى متصلة بالتفكير العلمي والميول والاهتمامات والقيم والاتجاهات لتحقيق تربية متوازنة للفرد ؛ ليكون عضوًا نافعًا منتجًا متعاونًا في مجتمعه حريصًا على تقدمه والارتقاء به ، والحفاظ على كينونته واستقراره وتماسك أعضائه .
ولقد انفردت السياسة التعليمية في المملكة بعدة خصائص متميزة منبثقة من الإسلام منهجًا وعقيدةً ونظام حياة .
ومن أهم تلك الخصائص اهتمامها باللغة العربية اهتمامًا خاصًا؛ لكونها لغة القرآن الكريم، ووعاء حفظ الموروثات الإسلامية والعربية ، كما تُعد إحدى الوسائل المهمة في تحقيق المدرسة وظائفها المتعددة ؛ لأنها أهم وسائل الاتصال والتفاهم بين المتعلم والبيئة ، والأساس الذي يُستند إليه في التربية من النواحي جميعها، كما إنها مرتكز كل نشاط يؤدى في المدرسة سواء أكان ذلك استماعًا و تحدثًا، أم قراءة وكتابةً .
وامتلاك زمام اللغة يعني تمكن المتعلم من أدوات المعرفة التي تمكنه من امتلاك سائر المهارات والمعارف ؛ فاللغة العربية ليست مادة دراسية فحسب ، لكنها وسيلة لدراسة المواد الأخرى، وأداة تستخدم في السيطرة عليها، وهي أداة كذلك تساعد على عملية التفكير والنشاط العقلي ووسيلة يتحقق بواسطتها الاتصال بالأفراد والمجتمع وتلبية المنافع والحاجات .
وفي هذا الإطار تم إعداد وثيقة منهاج اللغة العربية للحلقات الثلاث التالية :
· الحلقة الأولى ( الصفوف الأولية )
· الحلقة الثانية ( الصفوف العليا )
· الحلقة الثالثة ( المرحلة المتوسطة )
ووثيقة منهاج اللغة العربية الحالية ثمرة من ثمرات المشروع الشامل لتطوير المناهج الدراسية ، ونقلة نوعية في بناء منهاج يتسم بالانسجام مع الاتجاهات التربوية الحديثة في تعليم اللغة العربية وتعلمها. ولهذه النقلة دواعٍ حدت بالقائمين على منهاج اللغة العربية إلى إعداد وثيقة جديدة ترنو إلى التطلعات ، وتسهم في التطوير البنّاء .
دواعي التطوير
إن تطوير المناهج والخطط الدراسية مطلب تربوي لا يمكن تجاهله ، ومدعاة حضارية أظهرتها الحاجات المتغيرة وطبيعة الحياة المتجددة ... لاسيما وأننا نعيش عصرًا من الانفتاح العلمي والتفاني الذي يفرض على الجميع خوض غماره متحلين بروح الحماس ومتسلحين بسلاح العلم؛ بغية الوصول بالعملية التعليمية إلى الصورة المثلى، وبما يحقق الغايات والطموحات .
ولا ريب أن ما سبق وواقع التعليم في المملكة العربية السعودية أوجبا إعادة النظر في المناهج والخطط الدراسية لتلافي القصور وتحقيق أكبر قدر من الانسجام البنائي والتكامل المعرفي والجودة العالية في عناصر المنهاج المختلفة .
هذا ما تنبه له القائمون على التربية والتعليم فأخذوا بالتوجيه إلى وضع مبادئ وموجهات تساير العصر وترتقي بالمتعلم – منطلقة من السياسة التعليمية للدولة -؛ ليجيد المتعلم التفاعل الإيجابي المنتج مع متغيرات الحياة الآنية والمستقبلية ، ومتطلبات الواقع المتجددة ، وذلك باستحداث صيغ متطورة للتعلم تستجيب للتطلعات الطموحة وتلبي الحاجات والتوقعات
كما أن للتطوير دواع عدة إجمالها فيما يلي :
1. التّطور السريع والطارئ على المجتمع السعودي المعاصر الذي تناول المستويات كافة من ثقافية واقتصادية واجتماعية . . . ما استدعى تطوير المجال التربوي والتّعليمي للمشاركة في تكوين مواطنين قادرين على الاندماج في المجتمع وتمثل القيم الإسلامية.
2. التطور السريع الذي تشهده تقنية المعلومات ، والاتصال في جوانب الحياة اليومية على المستويين المحلي والعالمي ما استوجب إعادة النظر في المناهج الدراسية للمشاركة في تكوين مواطنين قادرين على الانفتاح على العالم الخارجي لدعم الازدهار الفردي والمجتمعي .
3. نتائج الدراسات والبحوث ، وتجارب الآخرين التي شخّصت الواقع ،وحدّدت معالمه ، واستشرفت المستقبل بكل أبعاده والتي أكدت ضرورة تبني كفايات إسلاميّة ، لسانيّة، وطنيّة ، ثقافيّة تخوّل المتعلّم من الاندماج في الحياة والتعايش مع الأفراد وحسن التّواصل .
4. ضرورة الاهتمام بالجوانب الشّخصيّة للمتعلّم و تحقيق أهداف التربية الحديثّة السليمة التي تتخذ الإنسان بعقله، و وجدانه ، وجسمه ، وقيمه ، واتجاهاته موضوعا لها ، وهدفا مطلوبا إنماؤه.
5. التجزئة التي اعترت الخبرة اللّغوية في ظل مناهج الفروع التي تسبّبت في ضعف ملموس في القدرة على توظيف المعارف المكتسبة توظيفًا منتجًا استدعى إعادة النظر في مناهج اللّغة العربيّة كما دعا إلى تبني المدخل التكاملي في التّعليم لكونه الطّريقة التي تتجمع فيها وتترابط أجزاء الكل في منظومة واحدة ،ما يمثّل علاجا لظاهرة التفتيت اللغوي، وتحاشيا لتمزيق اللّغة ، وإفساد جوهرها ، وإخراجها من طبيعتها .
6. الحاجة إلى تجديد طرائق وأساليب تدريس اللغة والتركيز على نشاط المتعلّم وجعله محورًا لعمليتي التّعليم والتّعلم .